افتتح الملك محمد السادس، يوم الجمعة 10 أكتوبر، السنة التشريعية الأخيرة من الولاية الحالية، وألقى خطابًا يتسم بأهمية متجذرة في النظام المؤسساتي للحياة البرلمانية. الخطاب الملكي، الرسمي والمتوازن، يندرج ضمن التقليد الدستوري الذي يمنح هذه اللحظة من الافتتاح قيمة سياسية ورمزية في آن واحد: إذ تمثل تذكيرًا بالمسؤولية واستمرارية الدولة.ويمثل هذا الخطاب لحظة تأسيسية في التقويم السياسي الوطني، إذ إن خطاب الافتتاح الملكي للجلسة البرلمانية في أكتوبر ليس منصة ظرفية عابرة، بل هو فعل دستوري محدد. ووفقًا للمادة 65 من الدستور، يدشّن الخطاب السنة التشريعية الجديدة بتحديد الاتجاهات الكبرى للعمل البرلماني والحكومي.
الخطاب الذي ألقاه الملك يوم الجمعة 10 أكتوبر يحمل دلالة خاصة: فهو يأتي في ختام دورة سياسية وعلى أعتاب سنة انتخابية، ما يمنح الخطاب الملكي طابعًا تقييميًا ونقلًا للتجربة. ومع إعادة التأكيد على الأولويات الوطنية (العدالة الاجتماعية، التماسك الترابي، فعالية العمل العمومي)، ذكر الملك مسؤولية المنتخبين وضرورة التخلق بالقدوة التي يفرضها منصبهم.عند سؤاله من قبل Hespress FR لتحليل مدى تأثير الخطاب الملكي، أشار أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة ابن طفيل، عز الدين حنون، أولاً إلى أن «الخصوصية الأولى لهذا الخطاب تكمن في توقيته السياسي. فهو يأتي في السنة الأخيرة للولاية التشريعية، أي على أعتاب سنة انتخابية. هذا البعد يمنح للخطاب أهمية على الصعيدين المؤسسي والرمزي: على الصعيد المؤسسي، لأنه موجه مؤسسي، لأنه موجه إلى مجلس في نهاية ولايته، مدعو لإنهاء المشاريع التشريعية المفتوحة وضمان استمرارية العمل العام حتى نهاية الدورة السياسية؛ ورمزي، لأنه يشكل شكلاً من أشكال التقييم الضمني للمدة التشريعية المنقضية: فالملك، كضامن لسير المؤسسات بشكل سليم (المادة 42 من الدستور)، يذكر بضرورة أن يظل المنتخبون عند مستوى مهمتهم رغم قرب الانتخابات. وهكذا، يصوغ هذا الخطاب كدعوة إلى المسؤولية والكرامة السياسية، مع تجنب أي انحراف قبل الانتخابات أو أي تهاون مؤسسي.
يضيف الأكاديمي بعد ذلك أن «العنصر الثاني ذي البعد السياسي يكمن في الإطار الدستوري للخطاب. وفقًا للمادة 65 من الدستور، يفتتح الملك دورة أكتوبر للبرلمان بخطاب ملكي يحدد التوجهات الكبرى للبداية السياسية. هذا الخطاب، على عكس تدخلات ملكية أخرى (مثل خطاب العرش أو الإحاطات الطارئة)، لا يهدف إلى إدارة الحكومة اليومية، ولا إلى المناقشات الحزبية: إنه لحظة مؤسسية رسمية، حيث يحدد الملك الاتجاه العام للعمل التشريعي والبرلماني».