مع حلول شهر رمضان المبارك، تتسابق الجمعيات الخيرية والمتطوعون لتوزيع "قفة رمضان"، التي تضم المواد الغذائية الأساسية لمساعدة الأسر المحتاجة. وبينما يمثل هذا العمل أحد أسمى صور التكافل الاجتماعي، يثير تصوير توزيع هذه القفف ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي جدلاً واسعًا بين مؤيد يرى فيه وسيلة للتشجيع على العطاء، ومعارض يعتبره انتهاكًا لخصوصية المحتاجين.
أهمية قفة رمضان ودورها في المجتمع
تلعب قفة رمضان دورًا حيويًا في تخفيف العبء عن الأسر الفقيرة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار. وتعكس هذه المبادرات روح التضامن والتآزر، حيث يتعاون الأفراد والجمعيات لتوفير الاحتياجات الأساسية للعائلات التي تجد صعوبة في تأمين قوت يومها خلال هذا الشهر الفضيل.
التصوير بين الترويج للإحسان وانتهاك الكرامة
تعمد بعض الجمعيات الخيرية إلى تصوير لحظات توزيع قفة رمضان ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي، بدعوى تشجيع الآخرين على المساهمة وتعزيز ثقافة العمل الخيري. إلا أن هذا التصرف يطرح عدة إشكالات أخلاقية، منها:
- انتهاك خصوصية المحتاجين: قد يشعر المستفيدون بالحرج أو الإهانة عند تصويرهم أثناء تلقي المساعدات، مما يؤثر على كرامتهم.
- تحويل الإحسان إلى وسيلة للدعاية: في بعض الحالات، قد تستخدم هذه الصور لتحقيق مكاسب شخصية أو تلميع صورة الجمعيات بدلًا من التركيز على الهدف الأساسي، وهو مساعدة المحتاجين.
- تأثير سلبي على العمل الخيري: قد يؤدي تصوير المستفيدين إلى إحجام بعض الأسر الفقيرة عن طلب المساعدة، خوفًا من الظهور في العلن.
أخلاقيات التوثيق في العمل الخيري
لتفادي السلبيات المرتبطة بتصوير العمل الخيري، يمكن اتباع بعض الضوابط الأخلاقية، مثل:
- تصوير القفف أو عمليات التوزيع بشكل عام دون إظهار وجوه المستفيدين.
- التركيز على نشر قصص نجاح وتأثير المساعدات دون انتهاك الخصوصية.
- استئذان المستفيدين قبل التصوير، واحترام رغبتهم في عدم الظهور.
الإحسان في رمضان هو من أسمى القيم الإنسانية، وينبغي أن يُمارس بروح العطاء الصادق بعيدًا عن الاستعراض أو الترويج غير الأخلاقي. فالأهم من توثيق المساعدات هو تحقيق الهدف الحقيقي منها: التخفيف عن المحتاجين وإدخال السرور إلى قلوبهم، مع الحفاظ على كرامتهم واحترام مشاعرهم.